الكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم: حماية تبدأ بخطوة واعية
يُعد سرطان عنق الرحم من أنواع السرطانات القابلة للوقاية بنسبة كبيرة إذا تم اكتشافه مبكرًا. وعلى الرغم من أنه خامس أكثر السرطانات شيوعًا بين النساء عالميًا، إلا أن معدلات الشفاء منه مرتفعة عند التشخيص المبكر.
ولهذا السبب، أصبح الكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم أولوية صحية تُوصي بها منظمة الصحة العالمية وكل الجهات الطبية المعتمدة.
في هذا المقال نقدم دليلكِ المتكامل لفهم سرطان عنق الرحم، أهمية الفحص الدوري، أنواع الفحوصات المتاحة، وتوصيات الأطباء للحفاظ على صحتك.
ما هو سرطان عنق الرحم؟
عنق الرحم هو الجزء السفلي الضيق من الرحم الذي يربط بين الرحم والمهبل. ويحدث سرطان عنق الرحم عندما تنمو خلايا غير طبيعية في هذا الجزء وتتحول إلى خلايا سرطانية.
غالبًا ما ينشأ هذا السرطان نتيجة عدوى فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، وهو فيروس شائع ينتقل عبر العلاقات الحميمة، وقد يظل صامتًا لسنوات قبل أن يُسبب تغيرات في خلايا عنق الرحم.
أهمية الكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم
الكشف المبكر لا يعني فقط اكتشاف السرطان في مراحله الأولى، بل يعني أيضًا اكتشاف التغيرات الخلوية السابقة للسرطان (الآفات ما قبل السرطانية)، مما يسمح بعلاجها قبل أن تتحول إلى مرض خبيث.
فوائد الكشف المبكر:
يزيد من فرص الشفاء الكامل بنسبة تتجاوز 90%
يقلل الحاجة للعلاج الجراحي أو الكيماوي المكثف
يحافظ على الخصوبة والوظائف الإنجابية
يقلل من معدل الوفاة بهذا النوع من السرطان
يُساهم في نشر الوعي الصحي والوقاية
ما هي الأعراض التي تستدعي الفحص الفوري؟
رغم أن الآفات ما قبل السرطانية قد لا تسبب أعراضًا، إلا أن ظهور الأعراض التالية يستدعي مراجعة طبيبة نساء فورًا:
نزيف مهبلي غير طبيعي (خارج أوقات الدورة أو بعد العلاقة الحميمة)
إفرازات مهبلية غير معتادة برائحة كريهة أو لون غريب
ألم في منطقة الحوض أو أسفل الظهر
ألم أثناء العلاقة الحميمة
نزيف بعد سن اليأس
لكن من المهم التنويه: الاعتماد على الأعراض فقط لا يكفي، لأن غالبية الحالات المبكرة لا تظهر أي أعراض، مما يُبرز أهمية الفحص المنتظم.
من هي الفئة المستهدفة بالكشف المبكر؟
جميع النساء النشيطات جنسيًا، خصوصًا:
من عمر 25 إلى 65 عامًا
من لديهن تاريخ عائلي لسرطان عنق الرحم
من سبق لهن الإصابة بعدوى فيروس HPV
المدخنات (لأن التدخين يزيد من خطر تطور الآفات السرطانية)
من يعانين من ضعف في المناعة (مثل مرضى الإيدز أو من يتناولن أدوية مثبطة للمناعة)
أنواع فحوصات الكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم
1. مسحة عنق الرحم (Pap Smear)
تُعتبر الخط الأول في الكشف المبكر. خلال الفحص، تقوم الطبيبة بأخذ عينة بسيطة من خلايا عنق الرحم باستخدام فرشاة صغيرة وتحليلها في المختبر.
الهدف: الكشف عن خلايا غير طبيعية قبل أن تتحول إلى خلايا سرطانية.
مدة الفحص: دقائق قليلة، وغير مؤلم.
متى يُجرى؟
كل 3 سنوات للنساء من عمر 25-65 سنة إذا كانت النتائج طبيعية.
بعد سن 65 قد يتم إيقاف الفحص إذا كانت النتائج السابقة طبيعية.
2. اختبار فيروس الورم الحليمي البشري (HPV Test)
يُجرى بنفس الطريقة تقريبًا كمسحة عنق الرحم، لكنه يبحث عن وجود فيروس HPV المسبب لتغيرات عنق الرحم.
يمكن إجراءه بمفرده أو مع مسحة عنق الرحم (co-testing).
متى يُنصح به؟
من سن 30 فما فوق، كل 5 سنوات إذا كانت النتائج طبيعية.
3. التنظير المهبلي (Colposcopy)
يُستخدم إذا أظهرت مسحة عنق الرحم أو اختبار HPV نتائج غير طبيعية. يتم خلاله فحص عنق الرحم باستخدام جهاز مكبّر للتأكد من وجود أي تغيّرات مشبوهة.
4. الخزعة (Biopsy)
إذا رأت الطبيبة أي منطقة مثيرة للقلق أثناء التنظير، قد تأخذ خزعة صغيرة لتحليلها بدقة تحت المجهر.
هل الفحص مؤلم أو محرج؟
لا، الفحص غير مؤلم في الغالب، لكنه قد يسبب شعورًا بعدم الراحة البسيطة فقط. يتم إجراؤه في العيادات النسائية خلال دقائق، ويُفضل تحديد موعده بعد انتهاء الدورة الشهرية بأيام، وتجنب العلاقة الحميمة أو الغسولات المهبلية قبل يومين من الفحص.
ما علاقة فيروس HPV بسرطان عنق الرحم؟
فيروس الورم الحليمي البشري هو السبب الأول لسرطان عنق الرحم، وتنتقل العدوى به غالبًا عبر العلاقة الجنسية. يوجد أكثر من 100 نوع من هذا الفيروس، لكن نوعين (HPV 16 و HPV 18) مسؤولان عن 70% من الحالات السرطانية.
لهذا السبب، يُنصح بالتطعيم ضد فيروس HPV كخطوة وقائية.
لقاح HPV: وسيلة وقاية فعالة
لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (Gardasil أو Cervarix) هو وسيلة فعالة للوقاية من الإصابة بأنواع الفيروس المسببة للسرطان.
متى يُعطى؟
للفتيات والفتيان من عمر 9 إلى 26 سنة
يمكن إعطاؤه أيضًا للنساء حتى سن 45 في بعض الحالات
عدد الجرعات:
جرعتان إذا تم التطعيم قبل سن 15
ثلاث جرعات إذا بدأ التطعيم بعد سن 15
كيف أحافظ على صحة عنق الرحم؟
الالتزام بالفحص الدوري (مسحة عنق الرحم أو فحص HPV)
أخذ لقاح فيروس الورم الحليمي البشري في الوقت المناسب
الحفاظ على علاقة زوجية آمنة
الامتناع عن التدخين
تقوية جهاز المناعة بالغذاء الصحي والنوم الجيد
هل يمكن علاج التغيرات الخلوية قبل أن تتحول إلى سرطان؟
نعم. إذا اكتُشفت التغيرات مبكرًا، يمكن علاجها بعدة طرق بسيطة مثل:
الكي البارد أو الحار
الليزر
الاستئصال الجزئي للأنسجة المصابة
وكلها إجراءات بسيطة تُجرى في العيادة، ولا تحتاج إلى إقامة في المستشفى.
الكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم هو سلاح وقائي فعال بيد كل امرأة. دقائق معدودة من الفحص قد تُنقذ حياتك، وتمنحك فرصة للعلاج في الوقت المناسب دون مضاعفات.
اجعلي من الفحص الدوري عادة صحية سنوية، تمامًا كما تفعلين عند فحص الضغط أو السكر، وشاركي التوعية بين صديقاتك وأقاربك، فربما تكونين سببًا في إنقاذ حياة أخرى.